فصل: قال ابن زنجلة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وإنما حمل القارئ بهذا عليه أنه وجده في مصاحف أهل الشام بالياء فاتبع الخط قوله تعالى: {وإن تكن ميتة} يقرأ بالياء والتاء وقد تقدم القول في علل ذلك ويقرأ بنصب ميتة ورفعها فالحجة لمن رفع أنه جعل كان بمعنى حدث ووقع فلم يأت لها بخبر والحجة لمن نصب أنه أضمر في يكون الاسم وجعل ميتة الخبر لتقدم قوله: {ما في بطون هذه الأنعام} قوله تعالى: {خالصة لذكورنا} يقرأ بهاء التأنيث والتنوين وبهاء الكناية والضم فالحجة لمن قرأ بهاء التأنيث أنه رده على معنى ما لأنه للجمع والحجة لمن جعلها هاء كناية أنه ردها على لفظ ما قوله تعالى: {يوم حصاده} يقرأ بفتح الحاء وكسرها فرقا بين الاسم والمصدر على ما قدمنا القول فيه أو على أنهما لغتان قوله تعالى: {ومن المعز} يقرأ بفتح العين وإسكانها وهما لغتان والأصل الإسكان وإنما جاز الفتح فيه لمكان الحرف الحلقي فإن قيل فكذلك يلزم في الضأن فقل إن الهمزة وإن كانت حلقية فهي مستثقلة لخروجها من أقصى مخارج الحروف فتركها على سكونها أخف من حركتها قوله تعالى: {وأن هذا صراطي} يقرأ بفتح الهمزة وكسرها فالحجة لمن كسرها أنه ابتدأها مستأنفا والحجة لمن فتح أنه أراد وجهين أحدهما أنه رده على قوله: {ذلكم وصاكم به} وبأن هذا صراطي والآخر أنه رده على قوله: {ألا تشركوا به شيئا} {وأن هذا صراطي} قوله تعالى: {فرقوا دينهم} يقرأ بإثبات الألف والتخفيف وبطرحها والتشديد فالحجة لمن أثبتها أنه أراد تركوه وانصرفوا عنه والحجة لمن طرحها أنه أراد جعلوه فرقا ودليله قوله: {وكانوا شيعا} أي أحزابا قوله تعالى: {دينا قيما} يقرأ بفتح القاف وكسر الياء والتشديد وبكسر القاف وفتح الياء والتخفيف فالحجة لمن شدد أنه أراد دينا مستقيما خالصا ودليله قوله: {وذلك دين القيمة} والحجة لمن خفف أنه أراد جمع قيمة وقيم كقولهم حيلة وحيل قوله تعالى: {فله عشر أمثالها} يقرأ بالتنوين ونصب الأمثال وبطرحه والخفض فالحجة لمن نصب أن التنوين يمنع من الإضافة فنصبت على خلاف المضاف والحجة لمن أضاف أنه أراد فله عشر حسنات فأقام الأمثال مقام الحسنات ولهذا المعنى خزلت الهاء من العدد لأنه لمؤنث فاعرفه. اهـ.

.قال ابن زنجلة:

6- سورة الأنعام:
{من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه} 16.
قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر {من يصرف} بفتح الياء وكسر الراء أي من يصرف الله عنه العذاب يؤمئذ.
وحجتهم قوله قبلها: {قل لمن ما في السموات والأرض قل لله} فكذلك من يصرف الله وأخرى أنه ختم الكلام بمثل معنى يصرف فقال: {فقد رحمه} ولم يقل فقد رحم فيكون على نظيره مما لم يسم فاعله فكان التوفيق بين أوله وآخره أولى من أن يخالف بينهما فجعل آخره مثل الأول ملحقا به.
وقرأ الباقون {من يصرف عنه} بضم الياء وفتح الراء على ما لم يسم فاعله وحجتهم أن هذا الوجه أقل إضمارا لأنه إذا قال: {من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه} أي فقد رحمه الله لأنه تقدمه {إن عصيت ربي} 15 وفي يصرف ذكر العذاب وإذا قال من يصرف أضمر ذكر العذاب وفي قراءتهم ذكر العذاب في يصرف فحسب.
{ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين} 23
قرأ ابن كثير وابن عامر وحفص {ثم لم تكن} بالتاء فتنتهم رفع جعلوا الفتنة اسم كان والخبر إلا أن قالوا لأن أن مع الفعل في تقدير المصدر المعنى ثم لم تكن فتنتهم إلا قولهم.
وقرأ نافع وأبو عمرو وأبو بكر {ثم لم تكن} بالتاء فتنتهم نصب جعلوا الفتنة خبرا والاسم إلا أن قالوا وتقدير الكلام ثم لم تكن فتنتهم إلا قولهم يقال لم أنث تكن والاسم مذكر الجواب إنما أنث لأن الفعل لما جاء ملاصقا للفتنة أنث لتانيثها وإنما جاز ذلك لأن الفتنة هي القول والقول هو الفتنة فجاز أن يحل محله.
ولا يؤثر في الخبر إلا فيما كان الأول بعينه نحو كان زيد أخاك فالخبر هو الاسم فكذلك الفتنة هي القول.
وجواب آخر وهو أن المصدر قد يقدر مؤنثا ومذكرا التقدير ثم لم تكن فتنتهم إلا مقالتهم والاسم مؤنث.
قرأ حمزة والكسائي {ثم لم يكن} بالياء فتنتهم نصبا جعلا أن قالوا الاسم التقدير ثم لم يكن فتنتهم إلا قولهم وحجتهما إجماع القراء على نصب قوله فما كان جواب قومه إلا أن قالوا وأخرى وهي أن في حرف عبد الله فما كان فتنتهم فهذا دليل على التذكير.
قرأ حمزة والكسائي {والله ربنا} بالنصب أي يا ربنا على النداء وحجتهما أن الآية ابتدئت بمخاطبة الله إياهم إذ قال للذين أشركوا أين شركاؤكم فجرى جوابهم إياه على نحو سؤاله لمخاطبتهم إياه فقالوا والله ربنا بمعنى والله يا ربنا ما كنا مشركين فأجابوه مخاطبين له كما سألهم مخاطبين.
وقرأ الباقون {والله ربنا} خفضا على النعت والثناء وحجتهم في ذلك أنك إذا قلت أحلف بالله ربي كان أحسن من أن تقول أحلف بالله يا رب.
{فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين} 27
قرأ حمزة وحفص {فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون} بنصب الياء والنون جعلاه جواب التمني لأن الجواب بالواو ينصب كا ينصب بالفاء قال الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ** عار عليك إذا فعلت عظيم

وكما تقول ليتك تصير إلينا ونكرمك المعنى ليت مصيرك يقع وإكرامنا ويكون المعنى ليت ردنا وقع ولا نكذب أي إن رددنا لم نكذب.
وقرأ ابن عامر {يا ليتنا نرد ولا نكذب} بالرفع {ونكون} بالنصب جعل الأول نسقا والثاني جوابا كأنه قال ونحن لا نكذب ثم رد الجواب إلى يا ليتنا المعنى يا ليتنا نرد فنكون من المؤمنين.
وحجته قوله: {لو أن لي كرة فأكون من المحسنين}.
وقرأ الباقون {يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون} بالرفع فيهما جعلوا الكلام منقطعا عن الأول قال الزجاج المعنى أنهم تمنوا الرد وضمنوا أنهم لا يكذبون المعنى يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب بآيات ربنا رددنا أم لم نرد ونكون من المؤمنين أي عانينا وشاهدنا ما لا نكذب معه أبدا قال ويجوز الرفع على وجه آخر على معنى يا ليتنا نرد ويا ليتنا لا نكذب بآيات ربنا كأنهم تمنوا الرد والتوفيق للتصديق {وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون 32}.
قرأ ابن عامر {ولدار الآخرة} بلام واحدة الآخرة جر وحجته في ذلك إجماع الجمي على قوله في سورة يوسف كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة بلام واحدة فرد ابن عامر ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه.
وقرأ الباقون {وللدار الآخرة} بلامين الآخرة رفع نعت وحجتهم ما في سورة الأعراف والدار الآخرة خير للذين يتقون.
قرأ نافع وابن عامر وحفص {أفلا تعقلون} بالتاء أي قل لهم أفلا تعقلون.
وقرأ الباقون بالياء وحجتهم أن صدر الآية خبر.
{قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} 33
قرأ نافع {ليحزنك} بضم الياء وكسر الزاي في جميع القرآن إلا في سورة الأنبياء فإنه قرأ لا يحزنهم بفتح الياء وضم الزاي فإن سأل سائل فقال لم خالف أصله الجواب عنه ما ذكره سيبويه أن بين أحزنته وحزنته فرقانا وهو أن أحزنته أدخلته في الحزن وحزنته أوصلت إليه الحزن فقولهم لا يحزنهم الفزع الأكبر أي لا يصيبهم أدنى حزن فإذا قلت أحزنته أي أدخلته في الحزن أي أحاط به وما اهتدى إلى هذا الفرقان غير نافع.
قرأ نافع والكسائي {فإنهم لا يكذبونك} بإسكان الكاف وتخفيف الذال قال الكسائي معنى لا يكذبونك أنهم ليسوا يكذبون قولك فيما سوى ذلك قال والعرب تقول أكذبت الرجل إذ إخبرت أنه جاء بالكذب وكذبته أخبرت أنه كاذب فكان الكسائي يذهب إلى أن الإكذاب يكون في بعض حديث الرجل وأخباره التي يرويها والتكذيب يكون في كل ما أخبر أو حدث به وهذا معنى قول الفراء وذاك أنه قال معنى التخفيف والله أعلم لا يجعلونك كذابا وإنما يريدون أن ما جئت به باطل لأنهم لم يجربوا عليه كذبا فيكذبوه إنما أكذبوه أي ما جئت به كذب لا نعرفه والتفسير يصدق قولهم.
روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال إن أبا جهل قال للنبي صلى الله عليه وآله إنا لا نكذبك إنك عندنا لصادق ولكن نكذب الذي جئت به فأنزل الله الآية.
وحجتهم في ذلك قوله جل وعز: {وكذب به قومك وهو الحق} أي قالوا ما جئتنا به كذب إذ لم يقل وكذبك قومك وهو الحق كأنهم قالوا هو كذب أخذته عن غيرك كما قال جل وعز: {إنما يعلمه بشر}.
وقد اختلف في ذلك المتقدمون فقال محمد بن كعب فإنهم لا يكذبونك أي لا يبطلون ما في يديك وقال قطرب أكذبت الرجل إذا دللت على كذبه فكان تأويل ذلك لا يدلون على كذبك ببرهان يبطل ما جئتهم به وقال ابن مسلم فإنهم لا يكذبونك أي لا يجدونك كاذبا تقول أكذبت الرجل إذا وجدته كاذبا كما تقول أحمدت الرجل إذا وجدته محمودا.
وكان قوم من أهل العربية يذهبون إلى أنهما لغتان مثل أوفيت الرجل حقه ووفيته وأعظمته وعظمته.
وقرأ الباقون {فإنهم لا يكذبونك} بالتشديد قال ابن عباس لا يسمونك كذابا ولكنهم ينكرون آيات الله بألسنتهم وقلوبهم موقنة بأنها من عند الله وحجتهم ما وراه اليزيدي عن أبي عمرو فقال وتصديقها قوله بعدها ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا فتأويل ابي عمرو فإن الكفار لا يكذبونك جهلا منهم بصدق قولك بل هم موقنون بأنك رسول من عند ربهم ولكنهم يكذبونك قولا.
وقال الزجاج وتفسير لا يكذبونك أي لا يقدرون أن يقولوا لك فيما أنبأت به مما في كتبهم كذبت ووجه آخر أنهم لا يكذبونك بقلوبهم أي يعلمون أنك صادق والذي يدل على هذا القول أنهم لا يكذبونك بقلوبهم قوله ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون والجحد أن تنكر بلسانك ما تستيقنه في نفسك ألا ترى أنك تقول جحدني حقي قال الله جل وعز وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم وكان ابن عباس يحتج بهذا.
وقد اختلف في ذلك أهل العربية فقال عبد الله ابن مسلم فإنهم لا يكذبونك أي لا ينسبونك إلى الكذب تقول كذبت الرجل أي نسبته إلى الكذب وظلمته أي نسبته إلى الظلم.
وقال بعض أهل العربية فإنهم لا يكذبونك أي لا يصححون عليك الكذب تقول كذبته أي صححت عليه الكذب.
{قل أرءيتكم إن أتكم عذاب الله} 40.
قرأ نافع {قل أرايتكم} و{أرأيتم} بالألف من غير همز وحجته في ذلك أنه كره أن يجمع بين همزتين ألا ترى أنه قرأ وإذا رأيت بالهمز لأنه لم يتقدمه همزة الاستفهام فيترك الثانية.
وقرأ الكسائي أريتكم بغير همزة ولا ألف وحجته إجماع العرب على ترك الهمزة في المستقبل في وقولهم ترى ونرى فبني الماضي على المستقبل مع زيادة الهمزة في أولها فإذا لم تكن في أولها همزة الاستفهام لم يترك الهمزة مثل رأيت لأن من شرطه إذا تقدمها همزة الاستفهام فحينئذ يستثقل الجمع بينهما وأخرى وهي أنها كتبت في المصافح بغير ألف.
وقرأ الباقون {أرأيتكم} و{أرأيتم} بالهمزة وحجتهم أنهم لم يختلفوا فيما كان من غير استفهام فكذلك إذا دخل حرف الاستفهام فالحرف على أصله ألا ترى أنهم لم يختلفوا في قوله رأيت المنافقين ورأيت الناس.
{فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء} 44.
قرأ ابن عامر {فتحنا عليهم} بالتشديد أي مرة بعد مرة وحجته قوله: {أبواب كل شيء} الأبواب فذكر الأبواب ومع الأبواب تشدد كما قال: {مفتحة لهم الأبواب} وكذلك قرأ في الأعراف والأنبياء والقمر بالتشديد.
وقرأ الباقون بالتخفيف وحجتهم أن التخفيف يصلح للقليل وللكثير.
{ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي} 52.
قرأ ابن عامر {بالغدوة والعشي} بالواو وضم الغين وحجته في ذلك أنه وجده في المصحف بالواو فقرأ ذلك اتباعا للخط فإن قيل لم أدخل الألف واللام على المعرفة فالجواب أن العرب تدخل الألف واللام على المعرفة إذا جاورتها فيه الألف واللام ليزدوج الكلام كما قال الشاعر:
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا ** شديدا بأحناء الخلافة كاهله

فأدخل الألف واللام في اليزيد لما جاور الوليد فكذلك أدخل الألف واللام في الغدوة لما جاور العشي.
وقرا الباقون {بالغداة} وهذا هو الوجه لأن غداة نكرة وغدوة معرفة ولا تستعمل بالأل واللام ودخلت على غداة لأنها نكرة والمعنى والله أعلم {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} أي غداة كل يوم.
{كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم} 54.
قرأ عاصم وابن عامر {كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل}، {فأنه غفور رحيم} الألف فيهما مفتوحة.
قال الزجاج موضع أن الأولى النصب المعنى كتب ربكم على نفسه المغفرة وهي بدل من الرحمة كأنه قال كتب ربكم على نفسه الرحمة وهي المغفرة للمذنبين التائبين لأن معنى أنه غفور رحيم المغفرة منه فيجعل أنه بدلا من الرحمة وتفسيرا عنها قال ويجوز أن تكون أن الثانية وقعت مؤكدة للأولى لأن المعنى كتب ربكم أنه غفور رحيم فلما طال الكلام أعيد ذكر أن.
وقال أبو حاتم يجوز أن تكون في موضع رفع على ضمير هي أنه كأنه فسر الرحمة فقال هي أنه وحمل الثاني على الأول لأن المعنى كتب ربكم أنه غفور رحيم للذي يتوب ويصلح.
وقرأ نافع {أنه من عمل منكم} بفتح الألف {فإنه غفور رحيم} بالكسر جعل الفاء جواب الشرط ل من واستأنف كقوله ومن عاد فينتقم الله منه وكقوله ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم وقال الزجاج من فتح الأولى وكسر الثانية فالمعنى راجع إلى المصدر وكأنك لم تذكر إن الثانية المعنى كتب ربكم على نفسه الرحمة إنه غفور رحيم.